انا لنفسي وبك بقلم منى احمد حافظ
ولو أنت مروحتش أنا هروح وهكتب كتابي عليها يا عمر وهجيبها تعيش هنا علشان أخليك تعيش ذنبك مع كل نظرة من نظراتها ليك.
لم يدر لما شعر بالغيرة لتفكير شقيقه بالزواج من مايا فلكمه باندفاع وهو يصيح به
.. اللي يفكر يقرب من مايا أنا مش هرحمه وأنا لما أسيبها هي عمرها ما هتكون لغيري يا علي فاهم عمرها ما هتكون لغيري.
.. أنت سحباني على فين واحنا لسه مخلصناش كلام مع الأستاذ أخونا الكبير.
ابتسمت وهي تحدق فوجه عمر وقالت
.. أنت قلتها يا علي أخونا الكبير وهو مش كبير بالسن لأ دا كبير بتصرفاته الحكيمة وبعقله ورشده ودينه ومعرفته بأن ربنا مبيسبش ظالم إلا وبيخليه يسدد دينه فالدنيا وفالأخرة كبير وكبر فنظري لما قعد أتكلم معايا وفهمني هو ليه كان بيقسى عليا زمان كبير لما شوفت فعيونه دلوقتي غيرة عاشق لما فكر إن حبيبته ممكن تروح منه لغيره انقاذا للموقف من الڤضيحة ودا اللي كرامته كبريائه كراجل وعاشق مقبلش بيه كبير علشان عرف إن مش البني أدم اللي هيقف ويحاسب غيره ويحاكمه وينفذ حكمه فاطمن يا علي احنا بكرة كلنا هنحضر كتب كتاب عمر ومايا وأهو لو هو بقى حب يكسر صورته ككبير يستمر على عناده وقراره وهيبقى عارف أنه هيخسر وقتها مايا للأبد وهيخسرنا قبل منها.
.. عرفتي تربي يا بسمة بنتك اللي لو اتسابت لوحدها وسط الوحوش هبقى مطمن عليها وعارف أنها بألف راجل وعقل حكيم صحيح كنت هدخل أضرب عمر قلم أخليه يفوق لنفسه ويعرف إن الله حق لكن موقف ولادنا يا بسمة خلاني اطمن إنهم هيفضلوا سند لبعض وهيعينوا بعض وهيردوا بعض عن الظلم لو حد فيهم
وفي اليوم التالي تأنقت دعاء وتأبطت ساعدي والدها وشقيقها علي وهي تدعو الله بألا يستمر عمر على موقفه الخاطئ لتتسع ابتسامتها حين وجدته يقف بانتظارهم أمام باب القاعة لينحني فوق يد والده مقبلا إياه واتجه صوب شقيقته وقبلها محتضنا إياها بقوة ليهمس بأذنها
.. في كلام كتير لازم تعرفيه يا دعاء بس مش مني أنا هتعرفيه وتسمعيه من مايا نفسها بعد كتب الكتاب ومش عايزك ترفضي اتفقنا.
رفعت دعاء عيناها وحدقت بها بدهشة لتجيب مايا على سؤال دعاء الصامت وتقول
.. عمر جالي الصبح وحكالي كل حاجة وكلامك أنت وعلي معاه والكلام اللي سمعك بتحكيه لعلي وأنا حكيت له على كل اللي حصل فطلب مني أننا نبدأ صفحة جديدة خصوصا إنه بيحبني وأنا أكدت له إني مشكتش لحظة فحبه ليا من أول لحظة عينيا قابلت عينيه ومن أول كلمة سمعتها منه بعد ما لاقيته مستني جوا العمارة بتاعتنا إنه معجب بيا وإنه ناوي إننا نرتبط وعلشان الصفحة الجديدة دي تتفتح يا دعاء أنت كمان لازم تعرفي الحقيقة واللي حصل بالظبط فيوم الحفلة.
.. بصي يا مايا اللي حصل زمان خلاص حصل ونتيجته كمان بقت أمر واقع والأمر دا لا يمكن يتغير لإن بقى في طرف رابع في القصة حتى لو كانت شريكة فهي بقت الأحق بمشاعر أخوك علشان كده لو سمحت بلاش تخلي مصطفى يعرف إني عرفت حاجة لإني مقدرش أتحمل ذنب كسر قلب واحدة حبت واحد وضعفها خلاها تفكر أنها بالشكل دا هتكسبه ولو عليا أنا وأنت فزي ما أنت شايفة ربنا أستجاب لكلمتك وبقى بينا نسب بس أنت اللي بقيتي مرات أخويا وأنا اللي هبقى عمتو العقربة زي ما الناس بتقول عن العمة.
ضحكت مايا واحتضنت صديقتها فربتت دعاء ظهر مايا بحنو وقالت
.. أنا فرحانة أنك طلعتي عاقلة وسامحتي عمر أصله بيحبك قوي يا مايا وأنا متأكدة إن بعد الموقف دا أنه عمره ما هيحاول يزعلك وعارفة كمان الحب اللي بينكم هيكبر لحد ما يوصل لنفس درجة الحب اللي كان بين بابا وماما ويمكن أكبر بكتير فأرجوك يا مايا خلي بالك من عمر ومن قلبه اللي حبك واطمني أنه عمره ما هيوجعك تاني أبدا ودلوقتي يلا بقى نخرج ونحتفل أنك بقيتي مرات أخويا رسمي.
استأذنتها دعاء بالذهاب إلى المرحاض فعادت مايا بمفردها إلى الداخل وما أن غادرت دعاء المرحاض حتى تفاجأت بمصطفى يقف بانتظارها أمام بابه فكادت تتجاوزه ولكنه أعترض طريقها فنظرت إليه بحرج وڠضب طفيف وقالت
.. لو سمحت يا أستاذ مصطفى ميصحش أبدا الوقفة اللي حضرتك واقفة دي أرجوك أبعد وخليني أعدي.
لا يقوى على بعادها عنه أكثر من ذلك فقبض على ساعدها وجذبها لتتبعه عنوه إلى الخارج لتجذب دعاء يدها منه پغضب وقبل أن تنهره لفعلته صعقها مصطفى بقوله
.. أتجوزيني يا دعاء وارحميني من العڈاب اللي أنا عايش فيه بعيد عنك اتجوزيني وأنا أوعدك أني هعوضك عن كل اللي فات أنا بحبك يا دعاء ومش قادر أنساك بحبك وربنا شاهد على حبي ليك و...
وضعت كفيها فوق أذنيها لتمنع صوته عنها وهي تهز رأسها بقوة لتقول كي تجعله يكف عن الحديث
.. متكملش ومتقولهاش علشان الكلام دا مش من حقي ولا من حقك تقوله غير لمراتك وبس
ولازم تعرف إن ربنا مش هيبارك فحياة ولا مشاعر حب مبنيه على حساب الغير ولعلمك أنا خلاص فوقت لنفسي وعرفت إني مكنتش بحبك قد ما كنت مبهورة بالتجربة والمغامرة اللي مجربتهاش قبل كده أرجوك متقولش أي كلام يشيلنا ذنوب أكتر وأرجع لمراتك اللي أكيد هي دلوقتي بتدور عليك واللي مؤكد زمانها كمان بتدور عليا وبتفكر يا ترى أنا وأنت واقفين فين وبنقول إيه.
رفض العودة إلى الداخل وتشبث بكلماته وطلبه الزواج منها فحدقت به بحزن وقالت
.. أرجوك يا مصطفى تحاول تفهم أن خلاص النصيب بيني وبينك وقف لحد النقطة دي ومافيش حاجة اسمها دعاء ومصطفى أنا خلاص حطيت أهدافي اللي عايزة أحققها فحياتي وصدقني مفيهاش أي مكان فاضي لا ليك ولا لغيرك لإني مقررة أعيش لنفسي وبس وأكون لنفسي السند والأمان وأعيش حياتي زي ما أنا عايزاها دكتورة تخدم غيرها أما أنت فعليك أنك تراجع نفسك من أول وجديد وتشوف نقطة تحاول من عندها تقبل بحياتك الجديدة حتى ولو كانت مفروضة عليك وعلى ما أظن إن ملك مستحيل تكون بالبشاعة اللي تخليك متتقبلهاش فحاول معاها واتقابلوا من أول وجديد وحسسها إنها الزوجة اللي بتتمناها وعاوزها من غير ما تحولها لصورة عن حد تاني لإنك أنت نفسك مش هتقدر تتقبل أنها تغيرك لصورة مخالفة عن نفسك.
تركته سريعا قبل أن يرفض كلماتها وأسرعت إلى الداخل وجلست بجوار والدها بقلب يرجف فهي ومنذ جذبها مصطفى إلى الخارج كانت ترتجف پخوف وتشعر وكأن هناك عيون ما تترصد خطواتها وتحصي عليها أنفاسها ولم تدر لما فجأة التقطت هاتفها وتفحصت صندوق رسائلها الأخرى لتجد عدة رسائل باسم أسير الشتاء فقطبت جبينها وهي تفكر بأنه حتما نفس الشخص المجهول فخفق قلبها بقوة لاهتزاز هاتفها بإشعار برسالة منه فقرأتها لتجده يخبرها
.. لا تستبيحي قلبي فإنت لي لذا ضعي بينك وبين الجميع سدا عاليا بعلو سموك ورفعة أخلاقك وحافظي على أمانتي معك فقلبك في النهاية سيدرك أنه لي.
ازدردت لعابها وكادت أصابعها تكتب لتسأله عن هويته ولكنها توقفت حين أشار والدها إليها بأنتهاء الحفل فودعت صديقتها وشقيقها الذي استأذن ليكمل سهرته برفقة مايا بمكان أخر لتتأبط دعاء ذراعي والدها وشقيقها علي وتعود إلى منزلها كما غادرته برفقتهما.
مضت الأيام ودعاء تولي كامل أهتمامها لدراستها وركزت تفكيرها بأهدافها التي تسعى إليها كانت نهمة تجاه دراستها تسعى لتكون الأفضل تمد يد المساعدة لتساعد غيرها بشكل متقن تفوقت على الجميع ونافست الكبار بمجال الطب فذاع صيتها بين اقرانها بكليات الطب بمختلف المحافظات وصدت جميع المحاولات العبثية من البعض.
ولكن!..
ظل أسير الشتاء يراسلها بلا كلل أو ملل يخبرها بالكثير عنها ولم تدر دعاء لما لم تستطع حظره كما فعلت معه من قبل وتساءلت هل لإنه أصبح يشغل حيزا من تفكيرها فجعلته سرها الخاص أم لإنها تعودت على قراءة رسائله التي كثيرا ما كانت تمدها بالقوة والحماس.
عام تلو الأخر ولم يكف عنها ولم يبتعد يواصل دفعها وحثها على مواصلة طريقها بنجاح وخلال تلك السنوات لم تستطع دعاء كسر عهدها بالبحث عن هويته أو حتى الحديث معه.
وقبل عامين من تخرجها تزوج شقيقيها عمر فكانت أجواء الفرحة والسعادة التي تغمرهم جميعا إلا أنها شعرت بالحزن لما أل إليه حال مصطفى الذي ترك زوجته التي لم يستطع تقبلها أو الغفران لها وهجر أسرته بالكامل وسافر إلى الخارج هربا من مشاعر حب لم تكتب لهما ورفضت دعاء كافة محاولات والدة مايا لتشعرها بالذنب بأنها هي وحدها من تتحمل وطأة خسراتها لابنها الوحيد وابتعاده عنها وأحست دعاء بالشفقة على تلك المرأة التي أفسدت حياتها وحياة الجميع بسوء تصرفها الذي جعلها تخسر مكانتها كأم.
وها هي تقف وسط أسرتها بابتسامة هادئة تتسلم شهادتها بفخر وعزة لتعود ويتلقاها والدها بين ذراعيه مقبلا مفرق رأسها بحبور ورضى وقد أعتلت وجهه نظرات من يتحدث مع أحد ما فتعلقت عينا دعاء بوجه والدها لتوقن بأنه حتما يشعر بالحنين إلى والدتها فطفرت عينيها بدموعها واسندت رأسها إلى صدره وهمست بصوت متردد
.. تفتكر ماما فخورة بيا دلوقتي