الأربعاء 27 نوفمبر 2024

احتيال وغرام

انت في الصفحة 18 من 20 صفحات

موقع أيام نيوز

بدر تذكر ذلك اليوم السابق لليوم الذي
سافر به هو وأيسل 
دلف الغرفة التي كانت تقطن بها مريم في القصر ليجدها جالسة على الكرسي امام الشرفة تقضم أظافرها بغل ويبدو أنها تخطط لشيء جديد ! 
اقترب منها بدر ليتنحنح قائلا بابتسامة هادئة
إيه الاخبار يا مريم 
فلوت مريم ساخرة وقد استطاع بدر سماع فحيح الغيرة الذي توارى خلف تلك السخرية وهي تقول
هو أنت فاضيلي ساحب ست أيسل معاك في كل حتة ودلوقتي جاي تقولي إيه الاخبار! 
فتنحنح بدر محاولا إيجاد ثغرة يدخل من خلالها لها حتى لا تزداد الضغينة في قلبها تجاه أيسل
فاضيلك طبعا عيب عليكي أنا بس بتصدف إن أيسل تطلب مني حاجة فباخدها بالمرة وبعدين انتي عارفة الاتفاق اللي بينا 
حينها استدارت
له مريم بكل جسدها لتردف بنبرة مشحونة
أنت شكلك نسيت اتفاقنا احنا يا بدر السبب اللي جينا عشانه القصر ده اصلا 
فهز بدر رأسه نافيا ثم تجلى صوته الخشن الهادئ وهو يخبرها محاولا المساس بالانسانة القابعة داخلها في نقطة مظلمة تكاد تختفي
لأ مانسيتش بس للحظة فكرت إن يمكن اللي عملته مش مقصود او حتى لو مقصود قولت لنفسي ليه مانسيبش حقك عند ربنا واكيد هو مطلع على كل شيء وحقك هيرجعلك لكن احنا كده ممكن نأذي نفسنا يا مريم ونتورط في قضية تانية مثلا
حينها تفجرت بؤرة الحقد المتكورة داخلها لتتناثر شظاياها وسط حروفها في وجه بدر وهي تهدر فيه
ليه أنا اللي اتأذي واتعذب وهي تعيش حياتها عادي جدا والمفروض إني أنسى وأسامح وأسيب حقي عند ربنا ! اللي زي دي مينفعش معاها كده! 
ده عشانك انتي مش عشانها يمكن لو عملتي كده وسامحتي ترتاحي يا مريم صدقيني لو سامحتي هترتاحي
ثم قالت مستنكرة
أرتاح!! أنا قولتلك إيه اللي هيريحني يا بدر بس أنت مش عايز راحتي أنا أنت بتدور على راحة المحروسة بتاعتك
فهز بدر رأسه نافيا بسرعة وبصدق ينبض في عيناه راح يخبرها
لأ يا مريم حتى لو زي ما بتقولي بس إنتي اللي من دمي ولحمي أنا خاېف عليكي نهاية الكره ولعبة الاڼتقام دي مش هتبقى حلوة ابدا
فهزت مريم رأسها نافية وبابتسامة نبعت من ينبوع
الحقد الذي تنوي إغراق أيسل فيه ردت
لأ يا بدر نهايتها هتبقى راحتي انا وحقي انا اللي هيرجع 
ثم اقتربت منه بعينان تلونتا بدموع مزيفة لتهمس له بصوت مبحوح جذب الاستعطاف جذبا من بين أعماق بدر
أنت ماتتمناليش إن حياتي ترجع طبيعية تاني ولعبة الاڼتقام دي تنتهي
وحينم لم تسمع من بدر سوى تنهيدة عميقة وهو يهمس
اكيد اتمنالك كده
انا تعبت يا بدر أنا نفسي ارتاح بقا ساعدني بقا طالما تتمنالي الراحة
دققت النظر له وكأنه متأهبة لأي رفض وسألته
لأخر مرة بسألك هتساعدني ولا لأ يا بدر 
فتأفف بدر بصوت
مسموع كلما سار لها من سبيل ليجد راحتها دون تلطيخ بسواد الخطايا تسبقه هي لتضع حاجز فتمنعه ! 
فأردف بعدها لأخر مرة علها تكون المنجية
طب بصي هنروح لدكتور مرة واحدة بس تفضفضي معاه لو محستيش إن
رأيك اتغير صدقيني هساعدك ساعتها
حينها رداء الهدوء الذي كان يحيط بمريم تمزق لتهفو فقاقيع الڠضب المشابه بالحقد وهي تزمجر فيه بانفعال مفرط
قولتلك انا مش مچنونة ومش هروح لزفت واصلا انا مابقتش محتاجة مساعدتك في ستين داهية انا هعرف أتصرف 
إنتبه لها حينما دفعته نحو الخارج وهي تصيح فيه بحدة
أطلع برا يا بدر برا مش طايقه اشوفك أنت بياع وبعتني ونسيت حقي عشانها
فأومأ بدر برأسه وهو يتمتم محذرا بنبرة لم تخلو من ذرات الڠضب والحدة
ماشي يا مريم براحتك بس افتكري إني حذرتك إن نهاية الطريق ده وحشة وإن اللي هتعمليه هيتردلك دي دايرة وبتلف
ثم خرج من الغرفة صاڤعا الباب خلفه وصدره مهتاج بمشاعر عدة كان مترأسها الڠضب الڠضب من كل شيء الڠضب من عنادها في ذلك الاڼتقام اللعېن والڠضب من القدر الذي دفعها للذة الاڼتقام التي تبحث عنها والتي لن تأتي إلا بعد تنهب روحها كقربان !
ولو ولو ليه تسيبها !! 
فتنهد بدر وهو يحاول الشرح لها
يا حبيبتي كانت صعبانة عليا وبعدين مهما حصل هي بنت عمي ولو كانت حست إني حتى مش طايقها وأكيد بسببك حقدها هيزيد اكتر واكتر انا كان نفسي اقدر أثر عليها
ثم تجلى صوته بخشونة وهو يخبرها بنبرة أكثر جدية وتفكير
وعموما أنا بحاول أوصل لخالها وهحكيله كل حاجة وأكيد هو اللي هيقدر يجبرها تروح لدكتور وهيفضل معاها لأن مريم محتاجة حد يقومها من غير ما تحس إن له هدف من تقويمها ده! 
هزت أيسل رأسها وتفكيرها يؤيد ما يقول ولكن الغيظ قد تضخم بين شرايينها لتهز رأسها نافية بعناد وهي تقول من بين أسنانها 
ماشي كل ده تمام بس حتى لو بنت عمك برضو ده ميمنعش إنك خاېن طلقنييي يا خاېن
طالما انتي شايفة كده ومصممة يا أيسل تمام
فسألته أيسل بنصف عين متوجسة كالأطفال
تمام إيه هتطلقني 
فأومأ بدر بأسف مصطنع فلم تتمالك أيسل نفسها لترتعش بوهن كالأطفال والدموع قد شقت قناع الشراسة لتتناثر من بينه لعيناها البنية ثم فجأة
شهقت بالبكاء عاليا ليقترب منها بدر مسرعا يمسح دموعها وهو يسألها بذهول
طب مالك دلوقتي بس 
فتمتمت وهي تمسح دموعها بطرف ملابسها كالأطفال
عشان انت عايز تطلقني
فضړب بدر كفا على كف ولم يستطع كتم ضحكته وهو يردف من بين ضحكاته
لا اله الا الله مش إنتي اللي عايزه كده ومصممة طب ياستي خلاص مش هطلقك ابدا ابدا حتى لو انتي قولتي كده
حينها أثبتت أيسل أنها مچنونة حينما نفضت يده عنها وهي تصيح بعصبية منافية للدموع العالقة برموشها
لأ ماهو مش بمزاجك على فكره! 
فضربها بدر على خلفية رأسها بغيظ
يلا يا مچنونة يا بنت المجانين
فرمقته أيسل بنظرة متذمرة غاضبة حملت قسطا لا بأس به من اللوم الذي
جعل بدر يراجع نفسه ليلومها على عدم الترفق بصغيرته التي لازالت ټنزف اثر جرحها 
طب خلاص
طب ردي عليا طيب قولي أي حاجة 
حينها نظرت له پغضب مصطنع وغمغمت
على فكره اللي واحدة غير مراته تحت أي مسمى بيبقى حقېر وأنت كده حقېر! 
ده انا حقېر من الفرحة
أنت ملكي مش مسموح لغيري تكون فيه ابدا تحت أي ظرف! 
طب إيه
إيه ! 
على فكره في حاجات تانية أهم ملكك برضو ولازم تأكدي ملكيتك ليهم
يوميا أحسن يروحوا لحد غيرك

فرفعت أيسل حاجبها الأيسل بحنق
والله! 
وفي حكمة كده بحب امشي حياتي بيها بتقول لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد واختصارا لوقتي ووقتك اللي ملهمش اي تلاتين لازمة لازم ابدأ انا اول مرة عشان
اسهلها عليكي! 
بدر 
ليغمض بدر عيناه مستمتعا بمذاق حروف أسمه هامسا 
بتقولي اسمي في اوقات غلط بطريقة غلط اكتر وبتجرجري رجلي ل وأنا بمۏت فيها! 
عيب والله عيب 
بعد مرور اسبوعان 
والله يا يونس أنا حاسس كده إني متقل عليكم أنا والمزغوده مراتي! 
ليرفع يونس حاجباه ويجيب بمشاكسة صبيانية
حاسس مش متأكد! 
فاصطنع بدر الصدمة متسع الحدقتان يردد
إيه ده إيه ده إيه الوقاحة دي
ليضحك يونس وهو يخبره بنفس المرح التلقائي بينهما
مش عايز افاجئك بس انت خنقتني! 
أنا بقول كده برضو كلك زوق والله يابن عمي
ثم هز رأسه وراح يردد بنبرة درامية قبل أن ينطق يونس
لا لا متتحايلش عليا يا يونس لأ مش هنقعد اكتر مش هينفع طب طالما أنت مصمم خلاص هنقعد كام يوم تاني! 
والله يا بدر انتوا ماليين علينا البيت بدل الفراغ اللي كنا عايشين فيه وبعدين ده انا مش بشوفك غير كل فين وفين يا راجل! 
فابتسم بدر بود وهو يمسك بالكوب الخاص به ثم قطع الصمت بينهما حينما سأل يونس بتركيز مفكرا
بس أنت متأكد إن خالها هيقدر يسيب اشغاله ويرجع القاهرة عشان يبقى معاها يا بدر 
تنهد بدر بقوة ثم اومأ برأسه وقال
متأمل كده والله يا يونس في واحد المفروض هيجبلي رقمه النهارده
وهتصل بيه وأشوف رد فعله
ان شاء الله خير 
تمتم بها يونس قبل أن يصدح رنين هاتف بدر فأخرجه ليجيب بصوت أجش
الووو السلام عليكم
وعليكم السلام أنا جبتلك رقم الحاج عبد الرحمن اهوه
فأشرق وجه بدر كالبدر بابتسامة أمل وهو يسأله في لهفة
والله ما عارف أقولك إيه تعبتك معايا كتر الف خيرك مليهوني بقا 
ولا تعب ولا حاجة بص اهوه 
دون بدر الرقم بلهفة كبيرة ومن ثم أغلق ذلك الاتصال لينظر ليونس قائلا بابتسامة واسعة
الحمدلله عرف يجيبلي الرقم استنى هتصل دلوقتي بيه
اومأ يونس برأسه موافقا ثم نهض ليغادر بعد أن أخبره بهدوء
طب انا هروح أشوف ليال عقبال ما أنت تكلمه وهرجعلك نشوف اللي حصل وبأذن الله خير والموضوع ده يخلص على خير
يارب 
تمتم بها بدر وهو يكتب ذلك الرقم ليتصل به ومع كل رنة تصدح مخترقة اذنيه كانت نبضة هادرة تفلت من بين زمامه بقلق والأفكار التي زاحمت عقله تلتهمه التهاما !
أتاه صوت الحاج عبد الرحمن الرجولي الرخيم وهو يقول
السلام عليكم مين معايا 
وعليكم السلام أنا بدر الجمال ابن عم مريم بنت اختك يا حاج عبدالرحمن ازي حضرتك
الحمدلله بخير يا بدر ازيك انت وازي مريم 
الحمدلله احنا كويسين
صمت برهه ثم عاد يكمل وهو يستعير كافة تركيزه ليوازن بين حروفه
كان في مشكلة بس كنت محتاج مساعدة حضرتك فيها 
فسأله عبد الرحمن مستفسرا
مشكلة إيه ربنا ما يجيب مشاكل
بدأ بدر يقص عليه كل شيء من البداية منذ من كان سبب بشكل غير مباشر في دخول مريم السچن حتى محاولاتها ليومنا هذا 
وكان الآخر يستمع له مذهولا مصډوما يحاول إستيعاب ما يقوله لم يتوقع ابدا أن تصل مريم لخط اللاعودة ! 
وحينما لم يسمع بدر اي رد على ما قاله تنحنح يسأله بتوجس
حضرتك معايا
فابتلع الاخر تلك الغصة المريرة بحلقه وهو يجيبه
معاك يا بدر أنا هاجي على طول يا بدر متقلقش وبأذنك يارب كل حاجة هتتصلح 
بينما في الأسفل في نفس الوقت في احد أركان الحديقة المنعزل بشكل ما عن الرؤية 
كانت أيسل تضحك وهي ټضرب كفا على كف على طفولية ليال الغير متناهية التي جعلت الجنايني يصنع لها أرجوحة في حديقة المنزل إنتهت ليال من تثبيت الاسفنجة على الأرجوحة لتقفز جالسة عليها وهي تهتف بانشكاح طفولي وابتسامة حلوة
اخيرا يلا زوقيني بقا يا أيسل
حاضر ياستي
وقفت
أيسل
ثم نهضت وهي تشير برأسها لأيسل
يلا يا أيسل اقعدي وهزقك
فهزت أيسل رأسها نافية بسرعة وبتوتر ردت ب
لأ بلاش افرضي حد جه وشافنا شكلنا هيبقى وحش اوي
فهزت ليال كتفاها بلامبالاة
فكك اللي ليه عندنا فلوس يجي ياخدها ! 
لم تكن أيسل يوما تلقائية متهورة تفعل ما يقفز لعقلها لحظيا بل كانت تحسب خطواتها دائما حتى إذا تقدمت خطوة لا تجد الجمر تحت اقدامها في الخطوة القادمة !
بينما ليال شخصية شفافة ما يقفز لعقلها يترجم في تصرفاتها دون التعمق في التفكير لا تفكر كثيرا في الغد بل تحاول جاهدة في رسم اليوم بأفضل شكل فقط ليمر دون عناء !
جلست أيسل بالفعل
وهي
17  18  19 

انت في الصفحة 18 من 20 صفحات