الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

فإذا هوى القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 20 من 51 صفحات

موقع أيام نيوز

إياها إلى صدرها ومحڼية عليها برأسها تقبلها بتلهف..
أقبلت عليها عواطف متسائلة بتوجس
في ايه يا نيرمين
أجابتها نيرمين بفزع
البت سخنة أوي وأنا مش عارفة أعمل ايه 
هتفت عواطف بتلهف وهي تدنو منها
وريني كده 
ثم وضعت يدها على جبينها لتتحسسه واتسعت حدقتيها مصډومة حينما شعرت بتلك السخونية المنبعثة منها فهتفت بهلع هي الأخرى
يا نصيبتي دي مولعة على الأخر!
فزعت نيرمين أكثر وتساءلت پخوف
طب والعمل أنا اديتها مخفض بس مش جايب نتيجة معاها 
رددت والدتها بجدية وهي تشير بيدها
احنا نطلع بيها دلوقتي على الوحدة!
وافقتها نيرمين الرأي قائلة
أنا بأقول كده بردك الدكاترة يشوفوها ويكشفوا عليها ويعرفوا مالها!
حركت عواطف رأسها بإيماءة قوية وهي تضيف بصوت آمر
ايوه البسي عبايتك بسرعة وأنا هادخل أحط العباية والطرحة عليا وأحصلك!
استدارت نيرمين بظهرها مرددة بتلهف
ماشي 
لم تصدق ولاء أذنيها حينما أخبرتها أمها بما فعلته مع الحاج مهدي وما أجبرته على فعله من أي مصلحة ابنتها..
ارتفع حاجبها للأعلى في حماس كبير وهتفت مندهشة وقد تهللت أساريرها
بجد يا ماما قولتي لأبوه مهدي!
أجابتها شادية بثقة وهي تبتسم لها بغطرسة
طبعا هو أنا رايحة أهزر معاه!
سألتها ولاء بتلهف وقد تمكن الفضول منها
وهو قالك ايه
تنهدت شادية ببطء ونظرت إلى طلاء أظافرها بتفاخر ثم أجابتها بتريث
هايجيب ابنه وهايعمل الصح!
زادت ابتسامتها إشراقا فقد أوشكت على تحقيق خطوة هامة في حياتها لكن سريعا ما تلاشت تلك البسمة وحل بديلا عنها القلق والوجوم وهي تردد بتلعثم
بس.. بس دياب....
تجمدت تعابير وجه شادية للغاية وانعقد ما بين حاجبيها بوضوح ثم قاطعتها قائلة بجدية متحدية
دياب أخره معاكي يرفع قضية ضم لابنه لو عرف بجوازك ومش هايعرف ياخده أصلا لأني هاقف قصاده وفي الأخر الحضانة هاتروح ليا يعني القانون في صفنا يا ولاء!
نظرت ولاء لأمها بإندهاش فلم تتوقع أن تحسب الأمور من منظور قانوني مختلف كان غائبا عنها.. 
عاتبت نفسها على تفكيرها محدود الأفق مرددة
إزاي مافكرتش في الحكاية دي 
رمقتها والدتها بنظرات مستخفة وهي تجيبها بإهانة
عشانك عبيطة باصة تحت رجلك وبس 
زمت ابنتها شفتيها وزفرت بضيق
فرغم كل شيء أمها محقة هي دوما تنظر للأمور من الناحية المادية فقد ولا تضع مخططات بعيدة المدى بما يخدمها في المستقبل..
أضاف شادية قائلة بمكر
لازم تفكري كويس وتحسبيها صح وتستفيدي من الكل!
أها..
ثم تابعت بخبث لئيم وقد برقت عيناها بوميض شيطاني
طول ما يحيى معانا انتي هاتقدري تاخدي اللي عاوزاه من دياب وفي نفس الوقت هاتضمني فلوس وأملاك مازن في جيبك وخصوصا لما تجيبي عيل منه! 
كزت ولاء على أسنانها مرددة بغيظ
ده أنا كنت غبية أوي خۏفي من دياب عاميني عن حاجات كتير!
لوت شادية ثغرها بابتسامة عابثة وهي تضيف
طبعا اللي برا الحكاية غير اللي جواها!
احتضنت ولاء أمها بقوة وشكرتها ممتنة لذكائها ودهائها
ربنا يخليكي ليا يا ماما دايما في ضهري ومسنداني!
ربتت شادية على ظهرت ابنتها برفق مرددة بجدية
المهم انتي تركزي الأيام الجاية وتثبتي!
ثم أبعدتها عنها لتحدق مباشرة في عينيها وأضافت محذرة
اوعي تباني ضعيفة أو مهزوزة قصادهم! فاهمة!
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول
حاضر هاعمل كل اللي تقوليلي عليه بالحرف!
يا مرحب بالأبلة نورتي بيتنا يا حبيبتي 
ابتسمت لها بسمة بتصنع وولجت إلى الداخل وهي تجوب المكان من حولها بنظرات سريعة وعامة..
مجيئها إلى هذا المنزل كان تحت ضغط كبير لكنها مضطرة لهذا لغرض في نفسها..
ربتت جليلة على ظهرها وهي تتابع بحماس
تعالي يا بنتي أوضة المذاكرة من هناك هما غاوين يذاكروا في السفرة على التربيذة واحنا بنسيبهالهم 
ردت عليها بسمة بجدية
اوكي بس أنا هادي كل واحد لوحده المنهج مختلف عن بعض!
اتسعت ابتسامة جليلة ورحبت بالأمر قائلة
أه وماله الصح اعمليه وأنا معاكي فيه!
تساءلت بسمة باهتمام
شكرا بس السفرة مقفولة ولا لأ...!
أجابتها جليلة بنبرة عادية وهي تشير بذراعها
هو محدش بيقعد فيها إلا ساعة الغدا ولو في ضيوف ممكن تقعدي في أوضة من أوض العيال 
طيب 
وفجأة صاحت جليلة عاليا وهي محدقة أمامها
بت يا أروى تعالي الأبلة بتاعتك جت ونادي يحيى خليه يجي يسلم عليها!
ثم التفتت برأسها نحو بسمة التي كانت مصډومة من تصرفاتها وتابعت قائلة بأريحية
إن شاء الله هاتتبسطي معانا ده زي بيتك!
مطت بسمة فمها لترد باقتضاب
إن شاء الله 
سألتها جليلة وهي تبتسم لها ابتسامة عريضة
ها تحبي تشربي ايه ولا أقولك نجيب أكل الأول
هزت بسمة كلا من يدها ورأسها نافية وهي تهتف معترضة بشدة على ما قالته
لالالا.. أنا جاية أشتغل وبس مش عاوزة حاجة!
استغربت جليلة من ردة فعلها المبالغة قائلة بعتاب خفيف
عيب عليكي ده احنا بيت كرم ولا عاوزاني أزعل!
ردت عليها بسمة بإصرار
لأ شكرا أنا واكلة وشاربة كويس!
يئست جليلة من إقناعها بتناول الطعام قبل الشروع في درسها وهتفت متسائلة بحذر
طيب أعملك شوية شاي حلوين ها ايه رأيك
ردت عليها على مضض مستسلمة لعروضها الملحة
ماشي!
حافظت جليلة على ابتسامتها المرحبة وتابعت مشجعة إياها على التحرك
طيب يا حبيبتي اتفضلي.. اتفضلي 
لم تتمكن بسمة من رؤية دياب رغم محاولتها اختلاس النظرات فظنت أنه ربما يكون غير متواجد بالمنزل.
نفضت مؤقتا فكرة البحث عنه واتجهت نحو غرفة الطعام لتبدأ مهمتها في الاستذكار مع أبناء عائلة حرب...
وبخ الحاج مهدي ابنه مازن بشدة لخروجه عن المألوف والمتبع وزواجه بطليقة دياب سرا وظل يكيل له بالكلمات اللاذعة والإهانات الموجعة..
اغتاظ مازن من تحامل والده عليه وهتف محتجا وقد اكفهرت قسماته
جرى ايه يا حاج مهدي هو أنا أذنبت يعني انا راجل وقادر أتجوز
صاح به مهدي پغضب
ايوه بس في النور مش من ورانا كلنا 
رد عليه غير مكترث
اللي حصل
بقى!
استشاط مهدي ڠضبا من برود ابنه المستفز وعدم اهتمامه بتبعات أفعاله التي دوما تزج به في المصائب.
هدر به بصوت محتقن
تصدق انت معندكش ډم!
رد عليه مازن بنبرة جامدة
انت مكبر الموضوع ليه يا حاج عادي يعني واحدة زي أي واحدة!
اڼفجر فيه مهدي بصوت جهوري متشنج
لأ مش زيهم ده كفاية أمها الفقر!
نفخ مازن مرددا بنفاذ صبر وهو يشيح بذراعه في الهواء
يووه!!!
أضاف والده قائلا بصرامة
لازم تتصرف وتصلح الموضوع ده على طول ومن غير فضايح 
ضيق مازن نظراته نحوه ورد عليه بفتور
مش فاهم يعني!
أوضح له مقصده بجدية
هاتجوزها رسمي ومافيش حد هايخد خبر بده!
تقوس فم مازن بسخرية قائلا بعدم مبالاة
قصدك المحروس دياب 
رد عليه مهدي بصوت متصلب وقد اشتعلت نظراته
أه هو أنا مش عاوز عداوة معاه ولا مع عيلته أنا مصدقت إننا خدنا هدنة واتصالحنا 
انزعج مازن من أسلوب والده المكبر للأمور فأردف قائلا ببرود متعمدا الإساءة إليهم
يا حاج انت عاملهم قيمة وهما مايجوش جزم في رجلنا!
لكزه أباه في كتفه بقسۏة محذرا
خليك إنت كده بتفكر بمخك التخين ده لحد ما تخرب يا أهبل بص لقدام مصالحنا كلها معاهم!
رد عليه غير مكترث وقد حل الوجوم عليه
بناقص منها إن كانت من وشهم!
ثم تابع قائلا بشراسة
ده بدل ما ناخد بتار مجد أخويا المحبوس ده!
رد عليه والده بضيق
بكرة اخوك يخرج من حپسه فمش لازم تحصله إنت كمان!
صمت مازن وظل محدقا أمامه في الفراغ بنظرات غامضة يفكر في شيء ما..
راقبه والده عن كثب ثم دار حوله ليقف قبالته وسأله بجدية
ها هاتعمل ايه
رد بامتعاض
هاشوف 
صاح به أباه بجدية وهو يشير بسبابته محذرا إياه من التهاون في المسألة
انجز في الليلة دي مش عاوز رطرطة كلام فيها! سامعني!
ضغط مازن على شفتيه قائلا على مضض
طيب!
حمدت أسيف الله في نفسها أن المسافة من الفندق للمنطقة الشعبية لم تكن بعيدة.. وبالتالي لم تحتاج كلتاهما لإستئجار سيارة خاصة

لتوصلهما إليها..
استمرت هي في دفع مقعد والدتها عبر الطرقات الجانبية حتى وصلت إلى المكان المنشود..
ومع أول خطوات وطأتها بداخله تسارعت دقات قلبها وزادت الحماسة بداخلها..
حاولت قدر المستطاع أن تختطف نظرات شمولية عن المكان من حولها لتحفرها في ذاكرتها فربما لن تتكرر الزيارة مرة أخرى..
زادت حماستها وتشجعت لسؤال والدتها بتلهف
هو ده المكان صح يا ماما
على عكسها تماما كانت حنان تعيش في أجواء قلقة ممزوجة بالتوتر.
خفق قلبها برهبة وهي تجوب بأنظارها المكان لترى انعكاس الماضي على جدران تلك البنايات القديمة واضطربت أنفاسها بدرجة ملحوظة مقاومة تدفق سيل الذكريات القاسېة..
نعم فقد عانت الأمرين مع زوجها في صراعهما ضد زوجة الحاج خورشيد تلك السيدة التي كانت تعتبر التجسيد الحقيقي لمصطلح جبروت امرأة 
أعادت أسيف تكرار سؤالها حينما تجاهلت أمها الرد عليها قائلة
سمعاني يا ماما ده المكان اللي عايشة فيه عمتي
أجابتها حنان بحذر وهي تبتلع ريقها
ايوه!
ابتسمت عفويا واستمتعت باهتمام بالأجواء من حولها..
تساءلت مجددا وهي تسلط أنظارها على المحال الشعبية المتجاورة
أومال هي ساكنة فين
احتارت حنان في تحديد البناية التي كانت تقطن بها عزيزة زوجة الحاج خورشيد فقد مر زمن منذ أن حضرت إلى هنا..
بدت جميع البنايات متشابهة بدرجة كبيرة فزادت حيرتها أكثر وتخبطت أفكارها.
هزت كتفيها قائلة باستياء بعد أن عجزت عن تحديد وجهتها
مش فاكرة يا بنتي 
تفهمت أسيف صعوبة الأمر على والدتها وأردفت قائلة برقة
مش مشكلة يا ماما اللي يسأل مايتوهش هي اسمها عواطف خورشيد أكيد في حد هايعرفها هنا صح 
ردت عليها حنان بفتور
جايز!
وقعت عيناي أسيف على محل الجزارة فظنت أنه ربما يتمكن من
مساعدتهما في الوصول إليها فعلى الأغلب هو يعرف معظم القاطنين بالمكان بسبب تعاملهم معه وشراءهم للحم من عنده..
أشارت بعينيها نحوه بعد أن مالت على والدتها مرددة بجدية
أنا هاروح أسأل الجزار اللي هناك ده ممكن يكون عارف بيتها 
هتفت حنان قائلة بتأكيد
احتمال كبير!
أكملت أسيف دفعها لمقعد والدتها المتحرك حتى وقفت بها عند الرصيف ثم تركتها واتجهت نحو ذلك الرجل الجالس أمام محله..
انتبه لها الجزار الذي كان ينفث دخان أرجيلته بشراهة ورمقها بنظرات مطولة جريئة أشعرتها بالحرج منه.
تابع تأمله لها وهو يرد بصوت متحشرج
خير يا أبلة
ضغطت على شفتيها لتقول بارتباك قليل وبأدب واضح
حضرتك متعرفش بيت الست عواطف خورشيد
تجهمت تعابير وجهه بدرجة ملحوظة وأخفض أرجيلته للأسفل ليسندها إلى جواره..
ثم نفخ بضجر وبدا النفور واضحا على نظراته وفي نبرته وهو يجيبها بخشونة
أعوذو بالله من العيلة الفقر دي! 
انزعجت من أسلوبه الفظ والوقح في الإساءة إلى عمتها وعفويا كورت قبضة يدها وهي تهتف بامتعاض
أنا بسألك عن بيت عمتي عارف ولا لأ
رد عليها بتهكم أثار سخطها للغاية
هي عمتك اتلم المتعوس على خايب الرجا!
هي لم ترغب في إثارة القلق خاصة في وجود والدتها حتى لا تفسد الزيارة وتلتغى قبل أن تبدأ.
عمدت إلى الحفاظ على هدوء أعصابها وهي تعيد سؤاله بقوة زائفة
عارف بيتها ولا لأ
أجابها بتأفف وهو يشير بإصبعيه نحو بناية ما
البيت الكحيان اللي هناك ده هتلاقيهم ساكنين فيه!
التفتت أسيف إلى حيث أشار فتجمدت نظراتها على تلك البناية القديمة للحظات.
خفق قلبها بتوتر رهيب وإنتابتها أحاسيس كثيرة متحرقة فيها شوقا لمقابلة فرد جديد اكتشفت وجوده مؤخرا من عائلتها..
أفاقت من جمودها المؤقت وعاودت النظر إلى الجزار بإشمئزاز ثم تركته وانصرفت دون حتى أن تشكره على تقديمه للعون..
رمقها هو بنظرات مستخفة وأمسك بأرجيلته ليدخنها
19  20  21 

انت في الصفحة 20 من 51 صفحات