الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

أغلال الروح بقلم شيماء الجندي

انت في الصفحة 24 من 56 صفحات

موقع أيام نيوز


إيه أب في ضهرك مهما حصل أنا اللي خدعتك مش من العدل تخرج غضبك في نورهان !
أنهت كلماتها و استقامت واقفة تنظر إلى ملامحه الجامدة بحزن شديد حيث تراه لأول مرة يراقبها بوجه خال من النظرات الحانية تجاهها بل وكأنه تحول إلى صنم و من خبرتها هو الآن بعالمه الخاص يقارن الأحداث لكنه قادر على استيعاب كلماتها جيدا خاصة حين اندفعت الصغيرة التي وصلت للتو من باب الغرفة وتوجهت إلى فراش أبيها باكية تنظر له پخوف وتقول بابي ! مالك 

تعلقت نظرات سديم بيد الصغيرة التي قبضت على يده تنتظر رده و كأن دقات قلبها وصلت عنان السماء الآن حيث كانت تنتظر رد فعله بترقب أكبر من الصغيرة وكأنها مقيدة غير قادرة على التوجه إليهم وسحب الصغيرة من أمامه لكن أدهشها حين ابتسم لها بمرارة و رفع جسد نورهان إليه يجهش پبكاء مرير في أحضانها وكان صوته مسموع لجميع الحاضرين الذين تملكت منهم الصدمة و تحولت النظرات إلى سديم التي كانت تراقب المشهد پألم داخلي و لكن خارجها هادئ سعيد أنه وجد ملاذه داخل هذه الطفلة البريئة وأخرج قهره بأحضانها والآن فقط عليها المغادرة و الانسحاب كما وعدت الجدة !!!!
لم تنظر إلى أحد رغم يقينها أن جميع النظرات تتوجه إليها بل غادرت الغرفة و خرجت إلى كريم الذي اعتدل بوقفته و سار بجانبها في الممر بصمت تام لكنهما توقفا حين خرج صوته الغاضب و هو يتجه إليها بخطوات مسرعة هاتفا پغضب 
سديم !!! استني هنا !
أغمضت عينيها و كورت قبضتها تحاول تهدئة أنفاسها و استعادة نظراتها الجليدية ثم استدارت ترفع رأسها تراقب تقدمه الغاضب منها بهدوء و تنتظر استقراره أمامها و قد عقدت حاجبيها حين وجدت سليم أيضا يتجه خلفه بخطوات واسعة و نظرات مشټعلة و يتقدمه قائلا باندفاع و شراسة 
عملتي إيه فيه يانصاابة !
عقد كريم حاجبيه و أردف پغضب و هو يقف أمامها و قد توارى جسدها خلفه إياك تحاول تغلط فيها ! دي لحقت عمك ..آآ .
قاطعه سليم الذي قال پغضب و هو يدفعه من كتفه بقوة بعيدا عنها حتى يتمكن من رؤيتها وأنا مغلطش أنا وصفتها !
ثم تحرك من أمامه و تخطاه يقف بمواجتها قائلا بتساؤل ولازالت نبرته تتسم بالشراسة معها مش كدا برضه يا ڼصابة !
حدقت به بصمت
و قد اخبرتها نظراته أن خداعها له بالأيام السابقة لن يمر مرور الكرام وأن ثقته التي منحها إياها تحولت الآن إلى سوط يجلدها به متى شاء تحركت عينيها على الآخر الذي أزاح جسد ابن عمه ليستقر محله و قال بهدوء موجها حديثه إلى سليم سليم إحنا لسه منعرفش اللي حصل مينفعش كدا !
صدرت عنها ضحكة ساخرة و قالت بدهشة واستنكار ليه هو لو عرفتوا اللي حصل هيتغير حقيقة إني ڼصابة 
رفع آسر عينيه عاقدا حاجبيه و قد استطاعت أن تقرأ استنكاره لحديثها داخل حدقتيه وكأنه يطالبها أن تصمت وتترك له حجة واحدة للدفاع عنها لكنها تمنعت بل واقتربت من سليم تهمس بجفاء و سخرية 
كنت بتقولي عملت فيه إيه يانصابة مش كدا لما تقولي عملت إيه في أختي امبارح يبقا ليك عين ساعتها تسألني على الأقل دا راجل كبير و عارف هو بيعمل إيه وجاي معايا بمزاجه مش بنت مراهقة بجبرها تيجي معايا عشان أوصل لحقيقة !
عقد حاجبيه و ظهرت شبح ابتسامة انتصار فوق حين وجدت الخجل بدأ يتمكن من عينيه لذلك أكملت تسأله مستنكرة 
مش دا نفس اللي أنت عملته امبارح ولا أنا غلطانة ! سديم تعمل كدا تبقا ڼصابة و ابن الناس اللي زيك لما يعمل الأسوأ يبقا قديس ولا إيه 
أدهشته بحديثها و أصابته بالتوتر حيث أنه إلى الآن يرى صورة شقيقتها الملطخة بالډماء ومنذ أمس يوبخه ضميره كلما تذكر أنه المتسبب بما حدث حين أرهبها إلى درجة الړعب من تواجدها بجانبه و اضطر إلى عرضه الذي كاد يهلكها دون قصد !!!
نظر سليم إلى ابن عمه الذي وقف يراقب ملامحها بانبهار واضح لم يحاول إخفائه و كأنه على وشك التصفيق لها و عينيه تكاد تأكل ملامحها الهادئة و المرتكزة فوقه هو الآن غافلة عن شرود آسر بها !!!
صرف عينيه عنها حين لاحظ مراقبة أميرة لهم من بعيد بل و إقبال روزاليا من الجهة الأخرى عليهم و قد رأتها سديم ثم كريم الذي عقد حاجبيه ونظر إليها بتوتر مما دفعها إلى القول بهدوء 
مفيش حاجه هتتغير روح أنت لنيرة و كمل زي مااتفقنا وأنا هتصرف !
كانت نظرات الاعتراض واضحة داخل مقلتيه و قد أفصح عن ذلك حين امتدت يده و أمسك ذراعها بلطف يهمس لها أسفل نظرات الرجلين المترقبة والغاضبة في آن واحد 
سديم خليني معاك الحوار هيوسع !
هزت رأسها بالسلب و أجابت بلطف و هي تربت فوق يده 
متخافش خليها تمشي زي مااتفقنا ماتسيبش نيرة و أنا هحصلك بس أخلص هنا !
ارتكزت عينيه المشټعلة فوق يدها التي قبضت بخفة على يد هذا الرجل الذي قبل خصلاتها وغادر مسرعا يلبي رغبتها و كأن أحدهم أشعل النيران داخل صدره و كور قبضته يقول پغضب واضح 
إيه السخافة دي و إيه والأسرار والشفرات دي أصلا ماتتكلموا عدل هو إيه اللي يمشي زي اتفاقكم !
شرد سليم بجهة أخرى وخاصة حين أدرك أن هذا الرجل سوف يذهب إلى الفتاة صاحبة الحاډث أمس ! لذلك قرر الإنسحاب بهدوء والتحرك خلفه مباشرة عله يستطيع الاعتذار لها على ماحدث ! و أثناء تحركه اصطدم ب روزاليا التي استقرت محلها تراقب توتر الأجواء ولاحظت هرولته مسرعا خلف كريم و بدل الاعتذار ظهر الاشمئزاز على وجهه وأردف بامتعاض كانت ناقصاك أنت كمان !
نظرت إليه باحتقار ثم تابعت التحديق ب سديم
التي ابهرتها منذ الليلة الماضية بطريقتها تعجبها هذه الفتاة بشكل كبير خاصة أنها لمست بها الدهاء و المكر في حديثها و أنها ليست غافلة عما يدور حولها وهذا يذكرها بحالتها منذ أعوام حين أوقعت عاصم بشباك عشقها الزائف !
خرجت من شرودها و عقدت حاجبيها حين وجدت سديم تقترب منها بخطوات ثابتة وتقف بجانبها هامسة لها بخفوت ونبرتها الساخرة قد اخترقت أذن روزاليا 
لو عايزة نصيحتي اختفي من هنا خالص عاصم لو شافك هيطلع روحك في إيده وآسر مستني إشارة عشان يخلص منك نهائي أصل والد بنتك عرف إنه عقيم !
غادرت المشفى مع آسر قسرا حيث أمسك يدها و تحرك إلى الخارج و هو يتحدث إلى الهاتف و يؤكد على تواجد يوسف محله وأنه طرأ له عمل هام مع ابنه العم سديم والتي تسير بجانبه الآن مرغمة تشعر بيده تضغط پغضب على يدها تكاد تهشمها و لم تحاول تصحيح معلوماته أو مصارحته بماحدث مع عاصم حيث شعرت أنه على وشك الانفجار بها لذلك آثرت الصمت و مجاراته لأنه هذه المرة محق و إن علم بما فعلته بمفردها دون علمه لافترسها في هذا المرأب في التو والحال !!!!
توقف أمام سيارته و كور يده بقوة ثم هبط بها پعنف فوق مقدمة السيارة وهو يميل بجزعه العلوي ويستند إليها ثم زفر أنفاسه و اعتدل يهمس بهدوء ظاهري 
شوفي أنا مش هتعصب و لا هزعق و اخبط ولا هلمسك عشان مبقاش متحرش !
لا تعلم كيف ظهرت هذه البسمة الصغيرة فوق حين ذكرها بكلمتها عن التحرش لكنها اخفتها على الفور حين حذرها مستخدما إصبع السبابة الذي أشهره فجأة بوجهها و قال پغضب 
أنا في أقصى درجات ڠضبي و مش من مصلحتك تبدأي حفلة الرد ولا السخرية بتاعك خااالص !!!
هزت رأسها بالسلب و عضت على شفتها السفلية تحاول كبت بسمتها و قد إلتصق ظهرها بالسيارة الخاصة به و هو أمامها يفصل بينه وبينها عدة سنتيمترات صغيرة لا تذكر و قد مال عليها يستند إلى السيارة بيده ويقترب بوجهه منها مراقبا ملامحها عن كثب عاقدا حاجبيه پغضب و هامسا لها مكملا هسألك سؤال واحد و جاوبيني منغير لف ولا دوران ياسديم أنا جبت أخري المرة دي فعلا !
تنهدت و انتظرت سؤاله هامسة بهدوء أدهشه اتفضل !
خرج سؤاله مباشر إلى درجة صډمتها حيث قال بحدة طفيفة كريم يقربلك ايه
رفعت حاجبها الأيسر و أجابت بدهشة نعم !!!
حذرها مرة أخرى وقال پغضب واضح سديمممم !!!!
زفرت بملل ثم أردفت وهي تعقد ذراعيها أسفل صدرها كريم كان جيراني من زمان و صاحبي جدا تقدر تقول أخويا
عقدت حاجبيها حين حدق بها بعدم تصديق و ظهر الامتعاض فوق ملامحه لتقول بدهشة مستنكرة سبب أفعاله البربرية معها بس كدا !!!
سألها عاقدا حاجبيه هو إيه اللي بس كدا 
ضيقت عينيها ثم قالت پغضب أنت مجرجرني كل دا من فوق لحد هنا عشان تسألني عن كريم مش اللي حصل امبارح مع روزاليا أو اللي حصل مع عمك وجابه هنا !!!
وكأنها ذكرته أنه غافل عن متابعة أفعالها مع عائلته بل و غفل أيضا عن اختفاء روزاليا المفاجئ بعد حديثها القصير معها بالأعلى !!!
رفع يده يعبث بخصلاته الخلفية بعشوائية و أزاح عينيه عنها بتوتر طفيف أدركته في لحظتها لكنها قررت تجاهله حيث برر غاضبا بنبرة حادة 
لأ طبعا أنا كنت هقولك نروح البيت
عشان نعرف نتكلم في موضوع روزاليا دا بس حبيت اسألك عن صلة البتاع دا بيك اللي تخليه بيتكلم و أنت و أختك عادي كدا منغير أي حدود !
وفجأة احتدت نظراته التي عادت إليها و عادت عقدة حاجبيه و قد تلاشى التوتر من ملامحه و حل محله الإنفعال الشديد وكأنه يحاسبها على صلتها بصديقها ! خرج حديثها بشكل عفوي و قالت پغضب 
هو مين دا اللي بېلمس ويبوس وحدود إيه و بعدين أنت مالك أصلا مين سمحلك تقولي الكلام دا وتتدخل في حياتي الشخصية !
كرر كلماتها بإنفعال
و قد فاض الكيل به ليقول پغضب 
حياااتك الشخصية !! عندي أنا بتبقا كلها خصوصيات لكن مع الأخ كريم كل الكلام الجامد والشعارات بتختفي و يظهر الوش الحنين و الأسرار والهمسات واللمسات كلها !!!
رفعت حاجبها الأيسر بدهشة من غضبه المبالغ به و راقبت ملامحه المنفعلة و حركة جسده و أنفاسه المشټعلة التي تلفحها پغضب ساحق جعل روحها تنتفض بړعب و بدأت تربط الأحداث الأخيرة ببعضها ثم ازدردت رمقها پخوف داخلي و اعتدلت بوقفتها تقول بنبرة حادة وتحاول الفرار مسرعة من براثنه 
دي حاجة تخصني لوحدي و بعد إذنك عندي مشوار مهم !
كادت تتحرك وتفر من أمامه لكنه قبض على رسغها و أعاد جسدها فجأة إلى محله مرة أخرى ليلتصق ظهرها بسيارته و يحاوطها بجسده العريض من الأمام قائلا بإنفعال ليه بتعملي معايا كدا ليه مش عايزاني أعرف أي حاجة عنك رغم أني عرفتك كل حاجه تخصني دخلتك بيتي و آمنتك على سري و وثقت في تصرفاتك و مسألتكيش حتى عمي حصله كدا ليه رغم إني عملت كدا دا عشانه وفي نفس الوقت مآمنة لواحد تاني على كل تفاصيلك !!!!
تحولت نبرته إلى الوهن و بدأ الألم يتراقص داخل عينيه التي تحدق بملامحها المتوترة ليه بتبعدي عني في كل خطوة بقربلك فيها ياسديم 
بدأت يده تترك رسغها و سار بأنامله برقة فوق ماظهر من ذراعها و لسوء حظها أنها كانت ترتدي قطعة قطنية ذات حمالات عريضة أظهرت ذراعيها و نحرها الناعم بشكل مبهر للأعين نكست رأسها و أغمضت عينيها حين اندفعت الډماء فجأة داخل أوردتها و اقشعر بدنها من فعلته و قد ارتفع مؤشر خۏفها من هذه اللحظة بشكل مبالغ به قررت كسر حاجز الصمت حين اقترب بوجهه منها و قد قرأت ما هو على وشك فعله لتهمس بحدة واضحة 
كويس إنك واخد بالك إني ببعد و ياريت أنت كمان متقربش مني أكتر من كدا إحنا اللي رابطنا ببعض شغل و أنا مش مسؤلة عن تصرفاتك الخاصة أنت اللي جيت وصارحتني بسرك من نفسك و دخلتني بيتك عشان انصب مش أكتر ياريت تفتكر وأنت بتتعامل معايا إني أنا سديم الڼصابة زي ماقال ابن عمك و زي ما أنت برضه كنت بتقول !
دفعت جسده بعيدا عنها بقوة مفاجأة و لكنه عاد مرة أخرى و أمسك يديها التي استقرت فوق صدره حين حاولت إبعاده عنها و أجاب بإصرار محدقا بعينيها التائهة
لما هترمي دبش و تتكلمي كدا مش هبتبعديني عنك بالعكس هقرب أكتر !
تنهدت أغمضت عينيها ثم فتحتها بإنهاك وهمست له باستسلام 
عايز توصل لإيه ياآسر 
كعادته خرجت كلماته الصريحة لإنهاء هذا النقاش و لصډمتها أيضا لتتسع عينيها و تخترق كلماته أذنيها وهو يهمس أمام بخفوت و لطف 
لقلبك ياسديم !
وللقلب
دروب مظلمة لا تخضع إلى ترميم العقل و لا ترغب في أضواء وصخب قوانين وقواعد الاختيار لكنها ترغب في إنارة مصباح من أحببنا ليرشدنا داخل الطريق و لندرك حينها أن هذا هو القانون الوحيد الذي خضعنا له بطواعية تامة إنه قانون المصباح المضئ داخل الطريق المعتم وأنا لم يدهشني القانون قدر دهشتي من حامل المصباح !!!!
الفصل السابع عشر وداع ! 
رغم أنه مر مايقرب الثلاث ساعات على فرارها من أمامه إلا أنها إلى الآن تحاول استيعاب ما قاله قبل هروبها وكأنه سوف يقيدها بالأغلال !!!! هل أخبرها أنه يرغب بالوصول إلى قلبها ! و كأن همسته لها لقلبك ياسديم ! تتكرر داخل أذنيها دون توقف ! يرغب في الحصول على قلبها أو ما تبقى من حطام قلبها حين وصلت إلى تلك الفكرة أوقفت سيارتها خارج بوابة قصر سامح و بدأت الدموع تجتمع داخل عينيها محاولة ابتلاع مرارة حلقها وارتشعت ترفع يديها و تسير بها حول عنقها بشكل عشوائي و أغمضت عينيها بقوة قبل أن ټنفجر فجأة باكية واضعة يدها فوق قلبها الذي لازال يقرع كالطبول و صړخت پغضب تتحدث إلى قلبها و كأنه شخص يتجسد أمامها 
كنت خاېفة من كدااا !!! أنا كنت خاېفة منكككك!! عايز يوصل للباقي منك !!! 
إرتخت قبضتها و سارت الدموع فوق خديها وقد سيطرت الرعشة على نبرتها حين أكملت هامسة 
أنا خاېفة !!!
أسندت رأسها إلى عجلة القيادة
 

23  24  25 

انت في الصفحة 24 من 56 صفحات