فإذا هوى القلب بقلم منال سالم
جليلة رغبتها في عدم الحديث خاصة أن أروى تصغي إلى حوارهن بإنتباه كبير.
هزت رأسها إيجابا وهي تردد مواسية
ربنا يعوض صبرك خير!
أضافت نيرمين قائلة بسخط وقد انعقد ما بين حاجبيها ليزيد من حالة الوجوم المسيطرة عليها
الحمدلله على كل حال هو مايتبكيش عليه الصراحة!
اختنقت نبرتها قليلا وحاولت أن تحافظ على جمودها أمام ضيفتها.
مافيش واحدة بتقعد بكرة ربنا يرزقك بالأحسن
ابتسمت نيرمين لها قائلة بتصنع
ربنا موجود أخد حقوقي بس وبعد كده أشوف هاعمل ايه!
هتفت أروى قائلة بتهذيب وهي تبتسم لنيرمين
ينفع ألعب مع النونة يا أبلة
مسحت نيرمين على رأسها برفق مجيبة إياها بلطف
هبت أروى واقفة في مكانها مرددة بحماس
حاضر!
ثم ركضت إلى خارج الغرفة وهي تقفز بسعادة..
لم تفهم عواطف مقصدها بوضوح بدت نوعا ما مشتتة التفكير فسألتها مستفسرة
أها بس ده ايه علاقته بينا
تابعت جليلة قائلة بابتسامة متحمسة
ما أنا جيالك في الكلام أهوو
طيب
ارتشفت جليلة القليل من المشروب ثم استأنفت حديثها قائلة بجدية
نظرت عواطف إلى ابنتها نيرمين مندهشة. فلم يسبق لعائلة حرب أن تطلب منها شيئا كهذا خاصة وأنهم يعلمون أن بسمة معلمة منذ فترة.
بدت نيرمين متحمسة للفكرة ولما لا فالعائد المادي هنا سيكون مجزيا ومختلفا تماما عن الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي تدرس لهم أختها الصغرى.
وبالمرة تدي أروى معاه الحاج طه كان عاوز يديها درس واطمني هنحاسبها كويس احنا كرما!
ردت عليها عواطف بنبرة مجاملة
يدوم العز يا رب دي تديهم ببلاش من فضلت خيركم علينا!
ابتسمت لها جليلة بلطف وهي تقول
الله يكرمك!
ثم تلاشت ابتسامتها نوعا
ما وهي تسألها بجدية
ها المهم ايه رأيك انتي
مش عارفة الصراحة أقولك ايه الحكاية دي تخص بسمة وهي اللي تقول رأيها لأن انتي عارفة هي مشغولة يا حبة عيني لأخر اليوم!
خليها تشوف مواعيدها كده وأهوو البيت قريب من البيت لا في مشاوير ولا پهدلة في المواصلات!
ثم تعمدت أن تشير إلى الناحية المادية مجددا حتى تتمكن من إغرائها بالموافقة فأكدت قائلة بجدية وهي تنتصب في جلستها
وزي ما قولتلك دياب ابني والحاج طه هيراضوها كويس!
لاحظت عواطف تحول اسلوبها للجدية والصرامة فهتفت بنزق
انتي تؤمرينا أنا هاكلمها وأخليها تشوف نفسها وتفضيلهم ميعاد مخصوص هي هاتيجي لأعز منكم!
ابتسمت جليلة لنفسها بغرور بعد أن وصلت لمبتغاها دون عناء وهزت رأسها هاتفة بثقة
تسلمي يا حبيبتي ده العشم بردك!
انتبه ثلاثتهن إلى صوت دق عڼيف على باب المنزل فاستداروا برؤوسهن نحو باب الغرفة.
تساءلت عواطف بامتعاض وهي تنهض من مكانها
ياختي مين اللي بيخبط على الباب كده
هزت نيرمين كتفيها نافية وهي تجيبها
مش عارفة!!!
أشارت لها أمها بيدها لتسبقها في سيرها قائلة بنبرة آمرة
روحي يا نيرمين افتحي!
ردت عليها باقتضاب
حاضر
أسرعت نيرمين في خطواتها متجهة نحو باب المنزل لتفتحه عبست بوجهها حينما رأت شرطيا يقف على عتبته.
سألته بتوجس وهي تتفرس فيه وفيما يحمله من أوراق في يده
ايوه!
حدق فيها الشرطي بنظرات دقيقة متسائلا بجمود
ده بيت نيرمين سيد
خفق قلبها نوعا ما من سؤاله المباغت وردت عليه بتلهف
اه هو خير يا شاويش
رفع ورقة ما أمام وجهها مجيبا إياها بجفاء
ده إخطار من القسم
مجرد ترديد كلمة مخفر الشرطة في جملة ما تثير خوف واضطراب أي شخص لذا لطمت نيرمين على صدرها مصډومة وهي تشهق متسائلة بفزع
قسم يا نصيبتي ليه
أجابها بنبرة رسمية
البيه المأمور عاوزك تستلمي عفشك!
ارتفع حاجباها للأعلى بذهول أغرب وهتفت غير مصدقة ما سمعته
عفشي
أوضح الشرطي باقي عبارته قائلا بعدم مبالاة
طليقك سلمه عند القسم وباعتلك تاخديه امضي على الاخطار ده يا ست
كزت نيرمين على أسنانها قائلة بغل وبصوت خفيض لاعنة زوجها السابق
ابن ال.......!!
وقفت والدتها إلى جوارها وسألتها پخوف وهي محدقة في الشرطي
في ايه يا نيرمين
أجابتها الأخيرة بتجهم كبير
المنحوس الفقري شايفة عامل ايه فيا
زادت دقات أمها بقلق أكبر واضطربت أنفاسها نوعا ما.
وضعت هي يدها عى ذراع ابنتها وضغطت عليه قليلا متسائلة بتلهف وهي تدقق النظر في وجهها
ماله
أجابتها بنبرة محتقنة للغاية
باعتلي عفشي على القسم
شهقت أمها مصډومة وهي تلطم على صدرها بقوة
يالهوي
صاحت نيرمين بنبرة مغتاظة وهي تلج لداخل صالة منزلها
منه لله حسبي الله ونعم الوكيل فيه أنا هالبس العباية وأروح أشوف النصيبة دي!
ردت عليها عواطف بإصرار
استني أنا جاية معاكي مش هاتروحي لوحدك
تابعت جليلة ما يحدث من موقف محرج في الخلفية واستشعرت عدم ملائمة الظروف لبقائها أكثر من هذا في المنزل وأنه من الأفضل إنهاء تلك الزيارة الودية على الفور لذلك هتفت بهدوء نسبي
طب يا عواطف هاسيبكم تشوفوا حالكم وهانتكلم تاني!
شعرت عواطف بالخجل الشديد من تعرض ابنتها لهذا الموقف المشين أمامها فأخفضت نظراتها حرجا وهي تردد
اعذريني يا ست جليلة أديكي شايفة الحال عامل ازاي
ربتت جليلة على كتفها متفهمة موقفها وأردفت قائلة
عذراكي يا حبيبتي الله
يكون في العون!
ثم التفتت برأسها للخلف وهتفت بنبرة مرتفعة
بت يا أروى يالا عشان ماشيين
ركضت الصغيرة نحو الصالة وعبست بوجهها وهي تحدق في والدتها بضيق وضعت هي يديها على منتصف خصرها وركلت الأرضية بقدمها قائلة بتذمر
ملحقتش يا ماما ألعب مع النونة!
أمسكت بها جليلة من ذراعها قائلة بحدة
مرة تانية يالا سلامو عليكم!
أوصلتها عواطف لخارج منزلها مرددة بإضطراب
وعليكم السلام!
أغلقت الباب بهدوء وتمتمت بحسرة مع نفسها
يادي الجرس والفضايح اللي
مالهاش ميعاد!
خرجت نيرمين من الغرفة وهي تلف حجابها حول رأسها وتلقي برضيعتها الغافية على كتفها مرددة بحدة
البسي بسرعة يا ماما خليني أشوف ابن ال.... عمل ايه في عفشي!
أجابتها أمها بصوت شبه لاهث وهي تركض ناحية غرفتها لتبدل ثيابها المنزلية
رفعت وجهها لتنظر في المرآة بشرود محاولة استيعاب تلك الکاړثة التي حلت بها فلا أحد يعلم بزواجها السري من مازن إلا والدتها شادية فقط.
تجمدت أنظارها على إنعكاس صورتها الباردة لبرهة ابتلعت ولاء ريقها پخوف شديد وغمغمت من بين شفتيها بهلع
ده أنا كده وقعت في مصېبة لو الحمل ده اتعرف!!
ضغطت على شفتيها بتوتر شديد ثم هتفت بنبرة عازمة
وأنا مش هاشيل البلوى دي لوحدي لازم مازن يتصرف معايا
قبضت على الجهاز الصغير بكفها وجمعت بقايا العلبة الكرتونية وألقت بها في سلة المهملات ثم خرجت من المرحاض باحثة عن هاتفها المحمول بدت متعصبة للغاية وهي تذرع الغرفة ذهابا وإيابا منتظرة إجابة مازن على اتصالها العاجل به وقبل أن ينقطع الخط سمعت صوته يقول بنبرة شبه ناعسة
خير!
صاحت فيه بصوت متعصب
مش خير خالص أنا عاوزاك تجيلي دلوقتي يا مازن!
سألها بفتور
ليه
صړخت فيه بتشنج وقد استشاطت نظراتها
انت لسه هاتسأل في مصېبة هاتحصل لو مجاتش!
رد عليها بصوت متحشرج غير مهتم
طيب.. اديني ساعة كده أفوق وألبس واجي عندك!
هتفت فيه بنفاذ صبر وبصوت مرتفع
بسرعة يا مازن! أنا مستنياك!!
ألقت بعدها بالهاتف على الفراش وهي تنفخ پغضب شرس ثم غرزت أصابع يديها في فروة رأسها المشټعلة من كثرة التفكير محاولة السيطرة على انفعالاتها الزائدة لكي تفكر بوضوح في حل لتلك الکاړثة الغير متوقعة...!!!
يتبع الفصل التالي
ترقبت على أحر من الجمر وصولهم فهي كانت تنتظر تلك اللحظة منذ وقت كبير للإحتفال بإنتصارها الثمين عليه وإذلاله مثلما فعل معها.
ظلت بسمة تطالع الطريق المؤدي لمدخل منطقتها بتلهف كبير وفجأة ظهر على محياها ابتسامة عريضة وزاد لمعان بريق عينيها بشدة حينما دوت صافرة سيارات الشرطة وهي تلج إلى المنطقة الشعبية.
راقبتهم عن كثب ثم سارت على مهل وبحذر لتلحق بهم.
تجمع أغلب المارة على إثر الصوت الصادح ليروا سبب تواجد تلك السيارات هنا فوجود أفراد وضباط الشرطة بالمكان يعد خطبا جللا..
ترجل الضابط من السيارة صائحا بصوت جهوري غليظ وصارم
شوفولي صاحب البهايم السايبة دي ولموها!
هب صاحب محل الجزارة واقفا من على مقعده على الأرضية وراكضا بفزع نحو الضابط ليعرف السبب خاصة حينما رأى بصحبته
رجلا يرتدي معطفا طبيا ولجنة من مباحث التموين.
ردد متسائلا بنبرة متوترة
خير يا باشا
أجابه الضابط بصوت قاتم يحمل السخط وهو يشير بيده
انت اللي عامل الزريبة دي
اعترض على جملته قائلا بتوتر رهيب
زريبة ايه بس يا باشا دول كام خروف كده لزوم مصلحة لزبون عندي وآ....
قاطعه الضابط قائلا بغلظة
تبقى صاحبها!
ثم حدجه بنظرات أكثر إزدراءا وتابع بصوت آمر
هاتوه في البوكس!
ارتسمت تعابير الإندهاش الممزوجة بالقلق على قسمات وجهه وهتف مستنكرا ما سمعه
الله! الله! ليه بس يا باشا هو أنا عملت حاجة ده أنا حتى ماشي جمب الحيط و....
قاطعه الضابط قائلا بجفاء وهو ينظر له شزرا
انت متقدم فيك بلاغ ومتوصي عليك جامد!
فغر الجزار فمه مدهوشا
ايه بلاغ!
ثم كز على أسنانه متسائلا بغيظ
ومين اللي اتجرأ وعمل ده فيا ده..... ده أنا حتى في حالي وماليش دعوة بحد وكافي خيري شړي!!!
حدجه الضابط بنظرات مستخفة وصاح به بحدة
انت هاتعرفني شغلي هاتوه!!!
ابتلع الجزار ريقه وحاول الدفاع عن نفسه وتبرير موقفه قائلا
يا باشا بس أفهم مين عمل كده فيا
في تلك اللحظة تحديدا ظهرت بسمة أمامه والتوى ثغرها بابتسامة مغترة وهي ترد عليه بثقة بالغة متعمدة النظر إليه باحتقار
أنا يا جزار البهايم!
اتسعت مقلتيه مصډوما من رؤيتها فلم يتوقع على الإطلاق أن تحرر ضده محضرا بل ويتم التعامل معه فورا وبغلظة واضحة..
صاح غير مصدق
ايه انتي
وضعت بسمة يدها على منتصف خصرها وزادت نظراتها المزدرية نحوه تشفيا وردت عليه بغطرسة
ايوه ووريني دلوقتي هاتعمل ايه مع الحكومة! يا بتاع البهايم!
استشاط ڠضبا من ردها المستفز له وتمتم من بين شفتيه بنبرة مغلولة
بقى يا باشا تمسكني عشان واحدة زي دي!
رد عليه الضابط بصرامة مهددا إياه لاستشعاره إهانة ضمنية في جملته الأخيرة نحو صاحبة البلاغ الموصي عليها
اتكلم عدل بدل ما أعرفك شغلك وأنفخك كويس!
ازدرد ريقه قائلا بحنق
مقصدش بس أنا مالي بيها أصلا
رد عليه الضابط بصرامة أشد
انت مش هاتعرفني شغلي هاتوه!
حاوطه عدد من أفراد الشرطة ليكبلوه ويقيدوا حركته فاحتج معترضا
يا باشا بس آ....
هتف الضابط متجاهلا إياه بصوت آمر
خلوا لجنة الطب البيطري تشوف البهايم السايبة دي ومباحث التموين تفتش في محلاته كلها من الأخر عاوزه يتروق!
قام أفراد الشرطة بسحبه نحو إحدى سيارتهم فحاول مقاومتهم رافضا الإنصياع لأمره مرددا بتوسل
يا باشا بس اتفاهم معاك وآ....
تجاهله الضابط عمدا وترك رجاله يقتادوه نحو السيارة..
سلطت بسمة أنظارها الشامتة عليه وتقوس فمها بابتسامة منتصرة وهي تراه مهانا أمامها ثم هتفت بتشفي
تستاهل ومش