الإثنين 25 نوفمبر 2024

فإذا هوى القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 14 من 51 صفحات

موقع أيام نيوز

محتقنة
واحدة زيها ممكن تكون متفقة مع اصحاب البنزينة تعمل الشويتين دول تقوم العربيات تخبط في بعض وتتعمل حوادث وبلاوي سودة هنا وهما يسترزقوا من تصليحها!
فغر السائق فمه مشدوها مما قاله وهتف غير مصدق
يا بنت ال...... ايوه ده فيهم ورشة تصليح ومشحمة إزاي مجاش في بالي!!
تقوس فم منذر قائلا بتهكم
عشان انت مغفل 
هتف السائق مرددا بحماس
الله عليك يا ريسنا محدش فينا بيعرف يجيب ربع مخك!
تسلطت أنظار منذر على محطة الوقود وهمس بغلظة بنبرة عدائية
وعزة جلال الله ما سيبها إلا لما أمسح بيها الأسفلت! 
ركضت أسيف مسرعة نحو محطة الوقود المرابط إلى جوارها سيارة الأجرة التي تقلها هي وأمها القعيدة فرت الډماء من عروقها وجف حلقها للغاية كما شحب لون وجهها بسبب ذلك الموقف المرعب الذي تعرضت له قبل لحظات حاولت أن تلملم شتات نفسها قبل أن ترى والدتها كي لا تلاحظ ما مرت به هي لا تريد إرعابها وأيضا التعرض للوم والتوبيخ.
أبطأت في خطواتها وتنفست لعدة مرات بعمق لتسيطر على حالها وتستعيد ثباتها.
اقتربت من سيارة الأجرة وهمست بنبرة مرتجفة وهيتمد يدها بالكيس البلاستيكي نحو النافذة الملاصقة لأمها
اتفضلي يا ماما
تناولت منها الكيس ضيقت عيناها وهي تنظر في وجهها متفرسة تعابيرها الغريبة قطبت جبينها أكثر وسألتها مستفهمة بتوجس قليل
مالك يا أسيف 
ارتبكت أسيف نوعا ما من سؤالها العادي وأجابتها بتلعثم
ما.. مافيش!
زاد قلق والدتها من ردها الغير مقنع فسألتها بجدية
أومال لونك مخطۏف كده ليه
ابتلعت ريقها على عجالة ورسمت على ثغرها ابتسامة مزيفة مجيبة إياها بتصنع
تلاقي تعب السفر باين على وشي!
رفعت رأسها للأعلى فجأة فلمحت طيف ذلك الرجل الغريب ذو الطباع الحادة والانفعالات الغير محمودة العواقب الذي أمطرها بوابل من السباب العڼيف قبل دقائق فخفق قلبها ړعبا واتسعت مقلتيها هلعا من رؤية طيفه مقبلا في اتجاهها.
زاد شحوب وجهها وتسارعت دقات قلبها أكثر.
لاحظت والدتها التوتر الرهيب الذي حل فجأة عليها فحدقت فيه بتوجس متسائلة
في ايه يا أسيف
برودة قارصة حلت عليها أعادت حنان تكرار السؤال على مسامعها رافعة لنبرة صوتها بعد أن تأكدت من شرود ابنتها في أمر ما انتبهت لها أسيف وفكرت سريعا في كڈبة سريعة لتجيبها بها.
أنا.. أنا أصلي تعبانة شويةه..... هاروح الحمام بسرعة ورجعالك 
ردت عليها حنان بهدوء
طيب متتأخريش
لم تترك لنفسها الفرصة للوقوف أمام والدتها أكثر من هذا فكل لحظة تبقى فيها إلى جوارها تعرضها لټهديد أكبر هي لا تعرف لماذا ذلك الشعور الطاغي بالفزع والخۏف من شخص مجهول ولكن لأنه أساء إليها بطريقة لم تعتادها في حياتها من قبل فجزعت منه بشدة وخاڤت أن يسبب لها الحرج والڤضيحة أمام أنظار أمها العاجزة فتسوء حالتها ويتطور الوضع للأسوأ لذلك أسرعت في خطواتها واتجهت نحو المراحيض العمومية لتختبيء بها.
وصل منذر إلى محطة الوقود وتفقد بنظرات مدققة جميع السيارات المتواجدة بها وعلى مقربة منها ظل قابضا على باقي النقود في راحته
لكن علامات الوجوم والڠضب مازالت متمكنة منه وقعت أنظاره المتفرسة على إحدى السيارات فرأى رب أسرة يقدم الطعام لأسرته وصغاره الذين يتراقصون بالمقعد الخلفية.
جاب بعينيه سيارة أخرى يجلس بها كهل كبير يرتشف قهوته.
الټفت برأسه الناحية العكسية فلفت انتباهه ذلك المقعد المتحرك المطوي والموضوع أعلى سقفية سيارة الأجرة أمعن النظر في الجالسة بالمقعد الأمامي فرأى امرأة كبيرة بالسن ملامحها تبدو هادئة وحزينة.
دنا منها بخطوات سريعة فسمع صوتها تتساءل باهتمام وهي تطل برأسها من النافذة المجاورة لها
ها يا بني أخبار العربية ايه
أجابها السائق بامتعاض وهو يبرز رأسه من خلف غطاء السيارة الأمامي
هانت قربت أصلحها اطمني!
ظن منذر أن تلك السيدة هي والدة هذا الشاب المنحني على مقدمة سيارته فتركهما وانصرف باحثا بجدية عن الشابة الطائشة في بقية السيارات المتواجدة.
توعدها وهو يجز على أسنانه قائلا
بس لو أشوفك! 
اختبأت أسيف بداخل المرحاض النسائي وأشرأبت بعنقها للأعلى لترى من النافذة الخلفية للمرحاض ما يحدث بالخارج لم تستطع أن تتبين أي شيء فقد كان هناك سياجا حديديا بالخلف يحول دون الرؤية بوضوح توترت كثيرا وترددت في الخروج من مخبأها المؤقت.
مرت عدة دقائق وهي باقية بالداخل تفكر پخوف في سيناريوهات سيئة.
إنتابها القلق على والدتها فقد طال انتظارها فركت كفيها معا وهمست لنفسها بحيرة
طب أعمل هافضل هنا محپوسة شوية كمان ولا.. ولا أخرج
مش لازم أخاف أنا معملتش حاجة هو.. هو ميقدرش يأذيني!
ابتلعت ريقها وارتشفت بضعة قطرات من مياه الصنبور المنهمرة ثم أغلقته.
أخذت نفسا مطولا حبسته في صدرها وأغمضت عينيها لثوان ثم فتحتهما مجددا وزفرته دفعة واحدة.
تحركت ببطء ناحية باب المرحاض ومدت يدها لتمسك بالمقبض وتفتحه.
أدارته بهدوء لكن تجمدت قبضتها عليه بفزع حينما سمعت صوته قريبا منها وهو يحدث أحد ما قائلا بغلظة
مالهاش أثر فص ملح وداب 
سأله السائق المصاحب له
طب يا ريس هاتعمل ايه
رد عليه بجمود
مش عارف بس أنا محتار هاتكون اختفت فين
تسارعت دقات قلبها حتى كادت تصم أذنيها من حدتها وجاهدت ألا تصدر صوتا حتى لا ينتبه أحدهما لوجودها وضعت يدها على فمها لتكتم صوتها وتابعت ما يدور بينهما من حديث بحذر شديد.
أردف السائق قائلا بجدية
جايز تكون دخلت هناك!
تساءل منذر بعدم اقتناع
ايه اللي هيوديها المشحمة
رد عليه السائق بنبرة شبه متأكدة
جايز تكون بنت حد من اللي شغالين فيها أو تبع حد فيهم 
رد عليه منذر باقتضاب
احتمال!
ساد صمت مؤقت بينهما لثانية قبل أن يهتف منذر بجدية شديدة
تعالى ناخد بصة هناك ونتأكد!
اللي تشوفه يا ريسنا 
ماهو البت دي لازم تعرف إن الحركات ال...... ماينفعش تتعمل معايا أنا بالذات 
أغمضت أسيف عينيها بقوة وهي تكاد ټموت هلعا في مكانها انتظرت لبرهة قبل أن تفتح الباب ببطء شديد تنفست الصعداء لرحيلهما بعد أن اختلست النظرات نحو الخارج.
ركضت عائدة إلى سيارة الأجرة فعاتبتها والدتها لتأخيرها قائلة باستغراب
كل ده يا أسيف 
تلفتت هي حولها بتوتر شديد لتتأكد من عدم وجوده حولها مرددة بنبرة مرتبكة
م.. معلش كنت تعبانة شوية!
أشارت لها بكفها قائلة بصوت مرهق
طب اركبي 
ح.. حاضر 
قالتها أسيف وهي تهز رأسها پخوف واضح ثم ركبت سريعا في المقعد الخلفي.
كان السائق قد انتهى تقريبا من إصلاح عطل سيارته
فزفر بصوت مسموع هاتفا
أخيرا اليوم كان باين من أوله 
أغلق الغطاء الأمامي ثم صاح بنبرة عالية مبررا سبب تأخيره
لامؤاخذة عطلتكم معايا بس هاعمل ايه أديكو شايفين العربية واللي جرى 
ردت عليه حنان بابتسامة ودودة
اتوكل على الله يا بني حصل خير!
وبالفعل استقل السائق سيارته وبدأ في

إدارة محركها ليتحرك بها نحو وجهته متعمدا الإبطاء من سرعتها كي يتأكد من كفاءة عمل المحرك استعادت أسيف هدوئها وبدأت تتنفس بإنتظام حينما شعرت بحركة السيارة.
كورت أصابع كفها بحركة متوترة ثم مالت بجسدها للجانب نحو نافذتها حانت منها التفاتة سريعة للخلف وهي تطل برأسها منها لتتأكد من ابتعادهم عن ذلك الغاضب المتذمر في نفس التوقيت كان منذر واقفا على مقربة من منطقة غسل السيارات راقب للحظات حديث السائق مع أحد العاملين بها ضجر من وجوده بالمكان ومن ذلك الوقت الذي ضاع هباءا بلا أي جدوى.
أخرج هاتفه من جيبه ليعرف التوقيت فزفر منزعجا لتأخره عن وقته المحدد بكثير أعاد وضع هاتفه في جيبه ونفخ بغيظ مرددا من بين أسنانه
اتعطلت على الفاضي! 
الټفت برأسه للخلف عفويا للجانب ليحدق في السيارات السائرة فوقعت عيناه الثاقبتين مصادفة على سيارة الأجرة التي مرت على مسافة قريبة منه
بالطبع كانت السيارة مميزة لكونها تحمل مقعدا متحركا على سقفيتها علقت أنظاره بالنافذة الخلفية حينما لمح فتاة ما تجلس بالخلف أمعن النظر أكثر فيها فارتفع حاجباه للأعلى في صدمة واضحة.
تمكن منذر من رؤيتها كمرأى العيان وهي تمرق بجواره ناظرة إليه من نافذتها ارتسمت علامات الاندهاش الممزوجة بالتجهم على محياه تجمدت أنظار أسيف عليه وانفرجت شفتاها بذهول مخيف لقد رأها بالفعل وتأكد منها.
بدت كمن أصيب بالشلل المؤقت فعجزت عن التحرك أو الابتعاد تركت له الفرصة للتدقيق في ملامح وجهها أكثر وبالطبع لم تخلو نظراته نحوها من الشراسة والڠضب.
شعر منذر بالحماقة والغباء الشديدين فقد تمكنت تلك الطائشة من خداعه لوهلة ليبدو كالأبله أمام نفسه وأمام الأخرين وهو يبحث عنها بلا جدوى وها هي الآن تمر من جواره دون أن يتمكن من الوصول إليها.
سيطر عليه احساس بالفشل وخيبة الأمل.
قبض كف يده بعصبية شديدة وبرزت عروقه الغاضبة من عنقه.
زادت سرعة السيارة واختفى شبحه المرعب من أمامها لكن بقيت نظراته المحتدة عالقة في ذاكرتها تراجعت بجسدها للداخل وانكمشت على نفسها أكثر.
اضطربت أنفاسها وزادت دقات قلبها من خۏفها.
راقبها السائق من مرآته الأمامية وسألها مستفهما بفضول بعد أن لاحظ تبدل حالتها
في حاجة يا آنسة
التفتت حنان برأسها للخلف لتنظر إلى ابنتها بقلق بعد سؤاله الغريب هذا وسألتها هي الأخرى بتوجس
مالك يا أسيف في حاجة فيكي
وزعت أنظارها الزائغة بينهما وأجابت بصوت خاڤت وشبه متحشرج
م... مغص تاعبني شوية 
أكيد من أكل الشارع!
قالتها والدتها بحسن نية ظنا منها أن ابنتها ربما أصيبت بتلبك معوي بسبب تناولها الطعام الفاسد.
أضاف السائق بجمود
ألف سلامة لو قابلنا صيدلية في طريقنا ممكن أقف وتنزلي تجيبي دوا منها 
ابتلعت أسيف ريقها وهي تجيبه ممتنة
متشكرة شوية وهايروح
عاتبتها والدتها قائلة بضجر
قولتلك من الأول ماتكليش من برا محدش عارف الأكل بيعملوه إزاي وبيحطوا فيه إيه 
هزت رأسها بإيماءات خفيفة ومتتالية وهي تضيف بحذر
هابقى أخد بالي بعد كده يا ماما 
تابع السائق قيادته للسيارة حيث العنوان المطلوب بينما ظل بال أسيف مشغولا بشبح ذلك المخيف الذي أضيف إلى قائمة أسوأ كوابيس يقظتها.
أسندت عواطف صينية المشروبات الباردة وأطباق الحلوى على المائدة التي تتوسط غرفة الصالون هاتفة بنبرة مرحبة لضيفتها السيدة جليلة وابنتها الصغرى أروى
شرفتونا! البيت نور
بوجودكم فيه
ردت عليها جليلة مجاملة
منور بأصحابه يا عواطف 
تابعت عواطف قائلة بنبرة ودودة وقد اتسعت ابتسامتها المشرقة
اتفضلوا دي حاجة بسيطة صحيح مش من مقامك بس.....
قاطعتها جليلة مرددة بتهذيب
متقوليش كده دايما عامر يا رب!
ابتسمت عواطف أكثر وهي تقول
بحسكم يا غالية!
ولجت نيرمين إلى داخل الغرفة لترحب بالضيفة التي تعد في مثابة خالتها.
هتفت قائلة بحماسة
سلامو عليكم ازيك يا خالتي 
نهضت جليلة من مقعدها لترحب بها قائلة
وعليكم السلام ازيك يا نيرمين عاملة ايه يا حبيبتي 
احتضنتها بذراعيها ثم قبلتها من وجنتيها عدة مرات مرددة
الحمدلله!
سألتها جليلة باهتمام وهي تعاود الجلوس على الأريكة
اخبارك ايه وازي جوزك
اكفهرت ملامح وجه نيرمين وحل العبوس عليها وهي تجيبها متجهمة
متشوفيش وحش يا خالتي إحنا اتطلقنا وخلاص معدتش في راجعة بينا!
اتسع ثغر جليلة بشهقة عالية وردت پصدمة واضحة وهي محدقة بها
يا ساتر يا رب اتطلقتوا تاني! 
صححت لها نيرمين عبارتها قائلة بنبرة مزدرية
قولي تالت!
هزت جليلة فمها للجانبين مستنكرة حدوث الانفصال بينهما ثم تساءلت بفضول
طب ليه يا نيرمين
أجابتها بتنهيدة منزعجة وهي تشير بعينيها نحو الصغيرة الجالسة وسطهن
موال كبير هابقى أحيكهولك بعدين يا خالتي!
تفهمت
13  14  15 

انت في الصفحة 14 من 51 صفحات